المغرب في صحرائه،، والصحراء في مغربها
( المغرب في صحرائه،، والصحراء في مغربها.من أقوال صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده )
كان المغرب في العهد الحسني الزاهر كشجرة قوية واقفة، تنحني لمرور كل العواصف السياسية منهاأوالأمنية، داخليا أو خارجيا، حتى لا تتأثر فروعها أو أوراقها من جراء تلك العواصف..، وفي العهد المحمدي الجديد، ازدادت هده الشجرة شموخا، بل وليونة، حتى أضحت كتلك الشجرة التي لا تهزها الرياح (- الكنود-، بالأمازيغية، أو– الصلاع-، بالعامية المغربية-)
وهدا يعني أن المغرب لا تهزه لا شطحات الجزائر، ولا بيادقها من دول أو منضمات دولية، بخصوص قضية الصحراء المغربية. فأخر مبادرة استعراضية في هدا السياق، هي الزيارة التي قام بها وفدحكومي فنزويلي لمخيمات تندوف، والتي أطلق خلالها تصريحات معادية للوحدة الترابية للمغرب، وصلت إلى حد التهكم بما أسمته،" قرب انتصار المقاومة اليومية للشعب الصحراوي..؟؟"
ومن اسبانيا جاءت تصريحات مماثلـة من احد المفروضين على أعضاء الكونغرس الأمريكي (دونالد باين) الدي ثبت أنه يرضع من ضرع بقرة (السوناطراك البترو-دينارية الجزائري)
إلى أن لا هؤلاء وهؤلائك، ولا المشرف على غرفة المخابرات
الجزائرية ب"البالطولك" المسمى (داني) أو البيادق الصحراوية الضالة التي تعشش كل مساء في - البالطوك- يستطيعون التأثير مجددا على موقف المجتمع الدولي الدي تجلت له حقيقة الأطماع الجزائرية في هده النازلة.
وفي انتضار ما ستؤول اليه من جديد هده القضية في مجلس الأمن وألأمم المتحدة. وفي افق انطلاق مفاوضات جديدة في ( مانهاست ) ارتأيت أنه من الضروري التذكير- لمن لازال في حاجة إلى تذكير- بالمحطات التاريخية الحاسمة التي واكبت قضية الصحراء المغربية، ودلك للتدبر أو الاستئناس..
مع العلم أن احدهم يطلق على نفسه دكتور، صاحب موقع (قصة ألإسلام) اجتهد اجتهادا شخصيا وباندفاع كبير، للإلمام بقضية الصحراء المغربية، دون في موقعه مقالات مطولة خاصة بها، ممزوجة بأريج العروبة والاسلام، تناولت بعضا من الجانب التاريخي وألا سلامي للمنطقة، مستعملا،عن قصد، أوعن غير قصد، مغالطات تمس السياسة، والسيادة الوطنيةالمغربية، وهي لا تنم الى الحقيفة بصلة ؟؟ كالمقالات الحماسية،التي على شاكلة الخطابات التي الف المرء قرائتها او سماعها من انصار حزب الله الشيعي اللبناني..
ولتعميم الفائدة، انتقيت بعضا من هده المقالات ونقحتها – حسب المعطيات الواقعية الحقيقية- التي لاتخدش، لا حقيقة تاريخ المنطقة، ولا حقيقة مغربية الصحراء ، عبر العصور التي تناولتها تلك المقالات " الممسلـة الى حد ألافراط "؟.
مشكلة الصحراء المغربية،اختلاق جزائري ..
مشكلة الصحراء المغربية مشكلة عقدتها الجزائر فعلاً، وذلك لأسباب كثيرة أصبح يعلمها العام والخاص،ليس في المنطقة فحسب، وإنما في العالم أجمع.. ومع ذلك فأنا أرى الحلّ فيها واضحًا جليًّا عبر مجلس الأمن، والأمم المتحدة،وعبر مشروع الحكم الداتي المقترح من المملكة المغربية، والدي لقي ترحيبا واسعا محليا لدى الشعب المغربي عامة،ولدى السكان المعنيين مباشرة بألأمر بواسطة المجلس الملكي ألاستشاري لشؤون الصحراء الكوركاس،، وكدا لدى المنضم الدولي، ومع ذلك فالقوم في الجزائر يُعرضون عنه مع أنهم يعلمونه، وهذا من عجيب أحوال العقلية الجزائرية المتحجرة في هذا الزمن ؟
لن نستطيع أن نفهم المشكلة على حقيقتها دون أن نعود إلى جذورها، وسأحاول أن أكون مختصِرًا، وإن كان الأمر يحتاج إلى تفصيل، إضافةً إلى أننا نحتاج إلى مقالات كثيرة موازية تشرح أمورًا ذات علاقة بمغربية الصحاري المغربية لا الغربية منها ولا الشرقية؛ مثل العلاقات الجزائرية المغربية، و قصة الاحتلال الأوربي لإفريقيا، و تاريخ الدولة المغربية، ومن ضمنه تاريخ الدولة العلوية الشريفة الحاكمة الآن في المغرب، .
مؤتمر برلين وتقسيم إفريقيا ...
سنبدأ القصة من أخريات القرن التاسع عشر، وتحديدًا في سنة 1884م عندما عقدت الدول الاستعمارية الكبرى، وفي مقدمتها بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال، مؤتمرًا في برلين بألمانيا، وفي هذا المؤتمر قاموا بتقسيم إفريقيا بكاملها على الحضور! وهذا المؤتمر يحتاج منا إلى دراسة مفصَّلة لأهميته في فهم قصة إفريقيا، لكنّ المهم لدينا الآن أنه تم الاتفاق في هذا المؤتمر على أن تتقاسم فرنسا وإسبانيا مملكة المغرب، مع الأخذ في الاعتبار أنّ فرنسا كانت تحتل بالفعل الجزائر بدءًا من عام 1830م، وكذلك تونس بدءًا من عام 1881م، وقد اعترض إمبراطور ألمانيا على هذه التقسيمة؛ لأنه يطمع في طنجة المغربية، فقامت فرنسا بترضيته عن طريق إعطائه الكونغو بدلاً من طنجة!!
إنهم يقسِّمون البلاد كما يقسِّم أيُّ مجموعة من اللصوص أموالاً سرقوها، والأغرب أن هذا التقسيم كان قبل السرقة الفعلية، ولقد تمت معظم توصيات ( مؤتمر برلين ) بشكل مذهل، ودفعت إفريقيا الثمن باهظًا، ومنها المملكة المغربية التي لازالت تدفعه إلى الآن....
كانت المملكة المغربية آنذاك مملكة كبيرة تمتد من البحر الأبيض المتوسط شمالاً إلى السنغال جنوبًا، وهي بذلك تشمل في داخل أراضيها المملكة المغربية حاليا، وأرض الصحراء المغربية الغربية وارض الصحراء المغربية الشرقية، وكذلك دولة موريتانيا بكاملها، ولكن واقع الأمر أن السلطات المغربية لم يكن لها هيمنة حقيقية على المناطق الصحراوية الجنوبية (الصحراء المغربية وموريتانيا)؛ حيث هي مناطق وعرة للغاية، وتعيش فيها القبائل الحياةَ الرعويَّة، يطبَّق فيها نظام القبائل لا نظام المدن والدول، وهذا ما دفع إسبانيا أن تطلق كلمتها المشهورة: "إن الصحراء الغربية أرض خلاء، بلا مالك". ومن هنا فإن هذه الأرض وإن كانت داخل حدود المملكة المغربية آنذاك إلا أن هذا لم يكن يعني السيطرة التامة من السلطات المغربية على هذه الأراضي، مع العلم أن كل القبائل المستوطنة لها كانت تحمل في أعناقها البيعة للسلطان والولاء للمملكـة المغربية، فرضا من " جد لجد " بحيث كانت وفود تلك القبائل التي سنعرض لها فيما بعد تتوجه سنويا الى عاصمة البلاد للتعبير عن هده البيعة في حضرة عاهل البلاد والتبرك من اهداب العرش العلوي المجيد. وًأن الحكم السلطاني المغربي في هذا الوقت كان في غاية الضعف، وهذا ما سيجرُّنا إلى الحديث عن نظام الحكم آنذاك.
الحكم المغربي(في عهـد الدولة العلوية الشريفة..)
لقد حكمت المغرب منذ سنة 1631م/ الموافق 41 10هجرية - وما زالت إلى الآن - ألأسرة العلويَّة الشريفة، وهم أبناء مولاي علي الشريف والحسن الداخل، وجميعهم من نسل الحسن بن علي بن أبي طالب ، وكان المغرب في وقت مؤتمر برلين الاستعماري (1884م) تحت حكم السلطان مولاي الحسن الأول بن محمد (1874- 1894م)، وفي عهده ازداد النفوذ الأجنبي جدًّا، وكانت طنجة تُحكم بمجلس يتناوب على رئاسته الفرنسيون والأسبان، ثم ما لبثت فرنسا أن احتلت تونس سنة 1881م، إضافةً إلى الجزائر المحتلة من سنة 1830م، وبالتالي فزع السلطان المغربي لأنّه علم أن الدور عليه، وأن فرنسا لن تترك بلاده، فما كان منه إلا أن لجأ إلى بريطانيا لتحميه من فرنسا، ولكن بريطانيا وفرنسا اتفقتا معًا على أن تُطلق بريطانيا يدَ الفرنسيين في المغرب على أن تغضَّ فرنسا الطرف عن احتلال بريطانيا لمصر! وبالفعل احتلت بريطانيا مصر سنة 1882م، وأصبح الطريق مفتوحًا لفرنسا لكي تحتل المغرب، ولكن كما ذكرنا قبل ذلك فإنَّ احتلال المغرب لم يكن رغبة فرنسية فقط، إنما كان رغبة فرنسية إسبانية مشتركة، لكن أساطيل فرنسا كانت مشغولة بالعربدة في موانئ العالم المختلفة، فقد كان لها أطماع توسعية فوق التخيُّل؛ مما جعلها تؤجِّل الملف المغربي قليلاً، على عكس إسبانيا التي فقدت معظم مستعمراتها السابقة، وبالتالي كانت شغوفة جدًّا باحتلال جزء من الأراضي المغربية. ومن هنا فقد زحفت الأساطيل الإسبانية لترسو على ساحل منطقة الصحراء المغربية في وسط المغرب آنذاك، وقامت باحتلاله، وذلك في سنة 1884م، وبذلك فَصَلتْ بين شمال المغرب الواقع تحت سيطرة السلطان الحسن الأول، وبين جنوبه الذي سمِّي بعد ذلك بموريتانيا.. وهذا هو الاحتلال الذي سيبقى 91 سنة متصلة (من 1884 إلى 1975م).
أسرار الصحراء المغربية الغربية..
إن مساحة جل هذه المنطقة كانت صحراء قاحلة الى غاية سنة 1975، سنة المسيرة الخضراء التي حررت الصحراء حيث انطلقت التنمية الشاملة لكل الأقاليم المكونة للصحراء المغربية. تبلغ مساحتها 266 ألف كم2، ومعظم سكان اقاليم الصحراء( العيون – بوجدور – الداخلة- اوسرد- والسمارة) من قبائل عربية هاجرت قديمًا من الجزيرة العربية ومن مصر في اطار الهجرة الكبرى لقبائل بنو هلال، كما أن بها بعض القبائل التي تنتمي إلى البربر، من ساكنة المغرب ألأولى. والقبائل التي تنتمي الى الصحراء هي ..
24.. ارقيبات،،ازركيين،،أيت لحسن،،العروسيين،،اولاد دليم،،اولاد تيدرارين،،اهل الشيخ ماءالعينين،،أيت يوسي،،أولاد باسبع،،اهل بركة الله،،فيلآلة،،طوبال،،كويتسات،،أيت ياسين،،أعريب،،يكـوت،،أيت باعمران،،أولاد بوعيطة،،لميـار،،مجـاط،،لفويكات،،تيركز،،أيت موسى اوعلي،،ازوافيط.
، ويبلغ تعداد سكان هذا الأقاليم حسب الاحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2005... 383 ألف نسمة؛ مما يعني أنه كان قليل العدد جدًّا وقت احتلال الصحراء من طرف الاسبان (أقل من مائة ألف مواطن)، ولم يكن بهذه الأقاليم أي ثروات تدكر في ذلك الوقت، وبالتالي لم يكن هناك اهتمام السلطات المغربية بها؛ مما سهَّل نزول القوات الإسبانية إلى مدينة العيون، وهي أهم مدن الصحراء، ثم احتلال الإقليم بكامله.
وعلى الرغم من قلّة عدد السكان، وضعف إمكانياتهم إلا أنهم قاوموا المحتل الإسباني قدر استطاعتهم، وخاضوا عدة معارك مع الجيش الأوربي المتطور، وذلك دون مساعدة تُذكر من الجيش المغربي الدي ركز تدخلاته ومعاركه ضد المستعمر الفرنسي في الداخل وضد الاسبان في الشمال!
الاحتلال الإسباني للصحراء المغربية..
والسؤال الذي كان يطرح نفسه : لماذا اهتمت إسبانيا بهذا الإقليم الصحراوي الفقير واحتلته دون غيره؟! والإجابة على هذا السؤال تشمل عدة أسباب..
فأولاً: هذا الإقليم الصحراوي أخرج قبل ذلك رموزًا غيَّرت من خريطة إسبانيا في قديم الزمان؛ فمنه خرج طارق بن زياد، الذي فتح بلاد الأندلس فصارت عربية- إسلامية ثمانية قرون متصلة، ومنه خرج يوسف بن تاشفين، الذي انتصر على جيوش الصليبيين الأسبان في موقعة الزَّلاَّقة سنة 1086م، وأسس دولة المرابطين العظيمة التي كانت تمثِّل تهديدًا مباشرًا لسلطة الأسبان في شمال الأندلس؛ فإسبانيا كانت تخشى إن قامت نهضةعربية إسلامية في هذه المنطقة،و أن يصحو العملاق المغربي-العربي- الاسلامي- من جديد فيغيِّر خريطة إسبانيا، بل خريطة العالم.
وثانيًا: فإن إسبانيا كانت تريد أن تضع قدمًا في المنطقة، حتى ولو كان في أفقر مناطقها، لعلَّها تتوسع فيما بعد شمالاً أو جنوبًا أو شرقًا؛ فالأحلام التوسعية عند الدول الاستعمارية لا تتوقف، ولعل أن تكون هذه المناطق تحوي كنوزًا من الذهب أو الحديد أو غير ذلك، وقد صدق حدس الأسبان كما سيتبيَّن لاحقا !!
وثالثًا: كانت المنافسة محمومة بين القوى الاستعمارية المختلفة، بحيث كان الكل يرمي الى خلق الإمبراطورية التي تحقِّق مكاسب يُحسب حجمُها وقوتها، ومن ثَمَّ كانت إسبانيا تسعى للمنافسة مع فرنسا خاصة، ومع الدول الأوربية بشكل عام.
ورابعًا: تريد إسبانيا أن تطوِّق المنطقة الشمالية في المغرب من جنوبها، ثم من البحر شمالاً؛ أملاً في التمركُّز في منطقة الريف الأخضر في شمال المغرب لتحقِّق أهدافًا استراتيجية واقتصادية، وهذا ما تحقق لها بعد عدة سنوات قليلة.
وخامسًا: هذه الصحراء مواجهة لجزر الكناري المملوكة للأسبان، وبالتالي فإنَّ احتلال هذه المنطقة يوفِّر أمنًا عسكريًّا لجزر الكناري، وبالتالي لأساطيل إسبانيا وغيرها من دول أوربا.
استقرت إسبانيا نتيجة هذه الأسباب في هذه المنطقة، ولكنها لم تستطع أن تتوغل إلى عمق الصحراء لقوة المقاومة الداخلية، وكان يتزعم هذه المقاومة أحد الشيوخ الأفاضل، وهو الشيخ ماء العينين ابن الشيخ محمد فاضل القلقمي، وهو من كِرام العلماء وكِبار المجاهدين، ولقد قاوم المستعمر الإسباني بضراوة، بل أسس مدينة في عمق الصحراء اسمها مدينة السمارة، وذلك في سنة 1898م لتجميع المغاربة المجاهدين للهجوم على القوات الإسبانية، وليس هذا فقط، بل صارت مدينة السمارة مدينة علمية متميزة يطلب فيها العلم من كل المنطقة، وكان الشيخ ماء العينين من شيوخ المالكية، وكان يقتني مكتبة من أكبر المكتبات في شمال إفريقيا،
والحق ان سيرته و قصته تحتاج إلى دراسة خاصة.
حاول الشيخ ماء العينين أن يستعين بالسلطات المغربية التي أمدَّته أحيانًا ببعض السلاح، ولكنه عجز عن تحقيق النصرًا الحقيقيًّ؛ مما أثَّر سلبًا على المقاومة الصحراوية المغربية في المنطقة..
سياسة القمع الفرنسية..
وكانت فرنسا في هذه الفترة مشغولة بتثبيت أقدامها في تونس، وبقمع الثورات الفاشلة في الجزائر، ولكنها في نفس الوقت كانت تنظر بقلق بالغ إلى التوسع الإسباني في أرض المغرب، وهذا جعلها تدخل في مفاوضات دبلوماسية كثيرة مع إسبانيا بُغية الحد من توسعها، إلا أنها اضطُّرت في سنة 1900م إلى الاعتراف لإسبانيا بملكيتها لمنطقة الصحراء المغربية..
لكن فرنسا الاستعمارية لم تقبل بهذا الوضع، ومن ثَمَّ جهزت نفسها لتحتل الجزء الجنوبي من المملكة المغربية (جنوب الصحراء المغربية المحتلة من قِبل الأسبان)، وهي المنطقة التي عُرفت بعد ذلك بموريتانيا (مورو تانيا، أي أرض المسلمين في اللغة الإسبانية)، ونزلت بالفعل الأساطيل الفرنسية في أرض موريتانيا سنة 1902م لتحتلها بكاملها على الرغم من المقاومة الشعبية المؤازرة من طرف المقاومة المغربية في الصحراء التي كانت لاتزال تتطلع الى الانعتاق...ثم دخلت بعد دلك في منة 1903 مدينة "كولومب بشار" عاصمة اقليم الساورة وتوات بالصحراء المغربية الشرقية، وقد سبق لي أن أشرت الى هدا في مقالات سابقة في هدا الموقع.
وإزاء هذا الوضع المخزي قامت ثورة شعبية في المغرب؛ فالشعب وجد الأرض تتناقص من حوله، فهذه الصحراء المغربية قد أخذها الأسبان، وهذه موريتانيا قد أخذتها فرنسا، وهذه طنجة تُدار بالقناصل
الأسبان والفرنسيين، إضافةً إلى سبتة ومليلية المدينتيْن المغربيتيْن المحتلتين منذ 1415م (وسنخصص لسبتة ومليلية مقالاً خاصًّا بهما).
وجد الشعب المغربي هذه المأساة فثار على سلطانه، وأطلق عليه لقب "عبد الأجانب"، ووجدت فرنسا هذه فرصة للتدخُّل في شئون المغرب حمايةً للسلطان من الشعب الساخط!! وأسرعت فرنسا،، لكنها فوجئت بتحرك الإمبراطور الألماني إلى طنجة مهدِّدًا بحرب فرنسا إنْ دخلت بجيوشها إلى المغرب، فأعطته فرنسا جزءًا من الكاميرون كرشوة لكي لا يتدخل، وقَبِل الإمبراطور الألماني وترك فرنسا تدخل إلى المغرب، فاحتلَّتْ مدينة وَجْدة في أقصى شرق المغرب قرب الحدود الجزائرية، وكذلك مدينة الدار البيضاء على الأطلسي، وكان ذلك في عام 1906م، وفي نفس الوقت دخلت القوات الإسبانية لتحتل منطقة الريف في شمال المغرب.
وجد الشعب المغربي نفسه وحيدًا بلا نصير، فثارعلى السلطان الموالي للفرنسيين، وقام بخلعه في سنة 1907م، وبايع مكانه أخاه المولى عبد الحفيظ بن الحسن الأول، وهرب المولى عبد العزيز السلطان المخلوع إلى طنجة ليكون تحت الحماية الدولية (فرنسا وإسبانيا).
الثورة على السلاطين !
وإزاء هذا الوضع المخزي قامت ثورة شعبية في المغرب؛ فالشعب وجد الأرض تتناقص من حوله، فهذه الصحراء المغربية قد أخذها الأسبان، وهذه موريتانيا قد أخذتها فرنسا، وهذه طنجة تُدار بالقناصل الأسبان والفرنسيين، إضافةً إلى سبتة ومليلية المدينتيْن المغربيتيْن المحتلتين منذ 1415. لم يتحسن الوضع في ظل السلطان الجديد المولى عبد الحفيظ، بل ساء؛ حيث سعى إلى فرض ضرائب كثيرة بحُجَّة الإعداد لحملات عسكرية لإخراج فرنسا وإسبانيا من المغرب، فنَقَم عليه الشعب، وحاصره في مدينة فاس، فأرسلت فرنسا حملة عسكرية لنجدة السلطان عبد الحفيظ من شعبه، وذلك في سنة 1911م. وبالفعل جاءت فرنسا لتحتل فاس ومكناس والرباط، وعلى الرغم من المقاومة الشعبية المستميتة، وعلى الرغم من إبادة الحامية الفرنسية في فاس، إلا أن فرنسا عادت من جديد، واحتلت المدينة وأنقذت السلطان. غير أن ثورة الشعب لم تتوقف؛ مما أخاف السلطان المولى عبد الحفيظ، فتنازل عن الحكم لأخيه مولاي يوسف بن الحسن الأول سنة 1912م تاركا المجال منماسبا لفرنسا لفرض حمايتها على المغرب، وهرب هو ايضا إلى مدينة طنجة لينعم بالحماية الدولية إلى جوار أخيه السلطان المخلوع المولى عبد العزيز.
تسلَّم السلطان مولاي يوسف بن الحسن الأول الحكم ظاهريًّا، ولم يحرك ساكنًا لمحاربة الأسبان أو الفرنسيين، ودخلت الحرب العالمية الأولى سنة 1914م، وفي أثناء هذه الحرب توسعت فرنسا في بقية أجزاء المغرب جنوبًا حتى وصلت إلى حدود الاحتلال الإسباني في منطقة الصحراء المغربية.بعد أن كانت قد مهدت لدلك باحتلالها للصحراء المغربية الشرقية، حيث دخلت مدينة " كولومب بشار" عاصمة اقليم الساورة وتوات سنة 1903,
والذي يطالع الخريطة المغربية آنذاك يجدها في غاية العجب؛ فالمنطقة الشمالية (منطقة الريف) احتلال إسباني، ثم المنطقة التي في جنوبها (وسط المغرب) احتلال فرنسي، ثم المنطقة التي في جنوبها (الصحراء المغربية) احتلال إسباني، ثم أقصى الجنوب (موريتانيا)والجنوب الشرقي للمملكة احتلال فرنسي!! فهو تقطيع عجيب لم يخلق مأساة في المغرب فقط، إنما خلق جوًّا من التوتر كذلك بين الدولتيْن العدوتيْن إسبانيا وفرنسا، وهذا سيكون له آثار على تاريخ المنطقة.
الأمير عبد الكريم الخطابي
وجد الشعب المغربي أن عليه أن يعتمد على نفسه في المقاومة والجهاد، ولا داعي للآمال الزائفة في السلطان مولاي يوسف، ومن ثَمَّ قامت حركة المجاهد عبد الكريم الخطابي في منطقة الريف في شمال المغرب، وهي حركة تستحق الدراسة العميقة والتمحيص، إلا أنه لم يلبث أن توفِّي سنة 1919م، ليخلفه ابنه القاضي محمد بن عبد الكريم الخطابي، الذي ألحق خسائر فادحة بالجيش الإسباني، لكنه أُسر في النهاية في سنة 1925م، ليتم نفيه إلى جزيرة "لا ريونيون".وهي مستعمرة فرنسية في المحيط الهندي.
وفي نفس الوقت نجح المغاربة الصحراويون في منطقة الصحراء المغربية وموريتانيا في إلحاق الجيشيْن الإسباني والفرنسي عِدَّة خسائر، ودارت عدة معارك مع الجيوش المحتلة، كان من أهمها معركة أم التونسي قرب نواكشوط سنة 1932 ،التي كانت تعتبر امتدادا للجنوب المغربي، حيث جرت كدلك معارك مماثلة خاضها اهل ايت عطا في منطقة "بوكافر" بزعامة القائد عسو باسلام جنوب ألأطلس الصغيرسنة 1933.. واهل تافيلالت بقيادة المنشق بلقاسم انكادي سنة 1934.
إنها قصة مؤلمة في واقع الأمر فيها الكثير من المخالفات الشرعية؛ من ولاية الضعفاء، ومن عدم إعداد القوة اللازمة، ومن الفُرقة، ومن موالاة ألمستعمرين، وغير ذلك من المسببات، وليس من فراغ أن تُحتل بلادنا؛ فنحن لم نُهزم بقوة الأعداء، ولكن هزمنا بضعفنا وبخيانة بعضنا,, ؟؟.
تُرى ما هو مصير قضية الصحراء المغربية المفتعلة؟؟ وماذا تريد الجزائر من وراء عنادها في استمرار مشكل الصحراء المغربية الدي افتعلته وهي تعلم حقيقية دلك؟ ولماذا لا تترك الصحراء المغربية وشأنها بعد تحريرها من طرف المغفور له الحسن الثاني رحمه الله واسكنه فسيح جنانه؟ وما هي طرق الخروج من الأزمة ؟
أسئلة كثيرة تتصارع في ألأدهان – ادهان الغير-، والإجابة عليها تكشف بوضوح أبعاد الموقف السلبي الجزائري المتعنت الذي تعيشه الطغمة الحاكمة الآن في الجزائر، وهذا ما سيتناوله المقال القادم في هدا الموقع..فتابعونا.
فامت إسبانيا باحتلال منطقة الصحراء المغربية التي كانت تقع في منتصف المملكة المغربية آنذاك، وذلك في سنة 1884م، ثم تبعتها فرنسا باحتلال جنوب المغرب على حدود نهر السينغال (المعروف الآن بموريتانيا) سنة 1902م، ثم تطور الأمر في سنة 1906م عندما أقدمت فرنسا وإسبانيا على السواء على احتلال بقية أجزاء المغرب؛ حيث احتلت إسبانيا منطقة الريف في أقصى شمال المغرب، واحتلت فرنسا بقية أجزاء المغرب بما في دلك الصحراء المغربية الشرقية؛ لتقع المملكة بكاملها في براثن المغتصبين من الفرنسيين والأسبان
ومن جراء دلك يتبين للجميع أن هذا الاحتلال لم يكن من فراغ، فقد كان الحكم في المغرب آنذاك في غاية الضعف، وكان الولاء للدول الأوربية هو السائد، ولم تكن هناك رؤية سليمة عند معظم من أداروا الأمور في هذه الفترة.. ومع ذلك فإننا قد رأينا في المقال السابق أن حركة واعية من الشعب المغربي ، لم تكتفِ بمقاومة المستعمرين، إنما ثارت على سلاطينه المرّة تلو ألأخرى، بل قامت بخلع بعضهم ممن يوالون الأجانب صراحة، وقامت حركة المجاهد عبد الكريم خطابي ثم ابنه محمد عبد الكريم الخطابي، إلا أن الأخير - برغم نجاحه في أكثر من موقعةٍ في مقاومة المستعمر الإسباني - قد تَمّ اعتقاله، ونفيه إلى جزيرة « « لاريونيون « « La réunion - بالمحيط الهندي.
هدأت الأمور نسبيًّا بعد نفي محمد بن عبد الكريم الخطابي، وتولى السلطنة في المغرب السلطان محمد بن يوسف الذي عرف فيما بعد بمحمد الخامس، وذلك في سنة 1927م، واستقرت الجيوش الفرنسية والإسبانية في كل قطاعات المغرب من
أقصى الشمال إلى جنوب موريتانيا.. وحدثت بعض الصراعات بين الجيشيْن الأوربيين نتيجة اختلافهما على تحديد أملاك كل واحد منهما! وانتهى الأمر في سنة 1932م باتفاقية ضمت كل أجزاء الصحراء المغربية إلى إسبانيا، وتحديدًا إقليم الساقية الحمراء في الشمال، وكذلك إقليم وادي الذهب ف
ستمرت ثورات الشعب المغربي ، سواءٌ في الشمال أو في الصحراء المغربية أو في موريتانيا، وزادت حدة الثورات في سنة 1952.عندما عزل الفرنسيون جلالة المغفور له محمد الخامس، ووضعوا مكانه رجلاً آخر كملك مزور مفروض على الشعب المغربي، هو محمد بن عرفة، ولكن فرنسا ازدادت في قمعها لثورة الشعب المغربي، بعد أن قامت بنفي ا محمد الخامس طيب الله
ثراه، وابنه ولي العهد ألأمير مولاي الحسن إلى كورسيكا ثم إلى مدغشقر، وذلك في 20 غشت من سنة 1953م .
ولكن هذا لم يهدِّئ من ثورة الشعب المغربي، بل زادت وتوهجت، وعُرفت بثورة "الملك والشعب"، وشعرت فرنسا أن الأمور بدئت تخرج من السيطرة إلى درجة أنها أصبحت عاجزة عن احتواء الوضع بسبب ألأعمال الفدائية التي عمت البلاد، فاضطرت إلى إعادة محمد الخامس إلى المغرب 1955م، بل قامت بالجلاء عن الشمال المغربي سنة 1956م؛ لينال هذا القسم من المغرب استقلاله، وفي نفس الوقت رحلت إسبانيا عن منطقة الريف في أقصى شمال المغرب، وإن ظلت تسيطر على مدينتي "سبتة ومليلية".إلى ألآن.
ومع استقلال هذا الجزء من المغرب إلا أنّ الصحراء المغربية الغربية ظلت تحت الاحتلال الإسباني، وكذلك موريتانيا ظلت تحت الاحتلال الفرنسي، وازدادت الثورات في هذه المناطق لتحقِّق التحرير كما حدث في الشمال، لكنَّ الاستعماريْن الفرنسي والإسباني قاما بالتنسيق معًا سنة 1958م في اتفاق أم قرين (شمال موريتانيا)؛ لقمع الثوار المغاربة في هذه المناطق. وبالفعل تم القضاء – نسبيا- على الحركة المسلحة في منطقة الصحراء المغربية الغربية، بحيث اضطر المقاومون المغاربة، الصحراويون منهم والشماليون.. إلى اللجوء إلى شمال طرفاية، وايت باعمران، والانطلاق من ثمة في هجمات مباغتة للقوات ألاسبانية.ومادام أن للمقاومة المغربية في تلك المناطق سجل حافل بالمعارك والانتصارات.. فلا ينبغي لأي كان أن يتطاول على هدا ليقول أي شيء،
لكن الأمر في موريتانيا كان مختلفًا؛ حيث أدت الثورات المسلحة من طرف المقاومة المغربية والموريتانية إلى خروج فرنسا من موريتانيا سنة. وينبغي التذكير في هدا المضمار إلى أن مجموعة موريتانية بزعامة المرحوم المختار ولد داداة - الذي سيصبح رئيسا لموريتانيا فيما بعد-،جاءت تتودد للسلطات المغربية بحكم أنها السلطة المركزية الوصية، من اجل الحصول على المساندة الفعلية والمؤازرة في مناهضة الاستعمار الفرنسي وإخراجه من موريتانيا التي استعمرت وهي في كنف الدولة المغربية..,
فنصبت الخيام في مكان ما في العاصمة الرباط لمدة كافية مكنت هده المجموعة من إيصال صوتها إلى القصر الملكي..، إلا أن هده المجموعة التي كانت تتكون من أخيار الموريتانيين، لم تجد ألأذان الصاغية..لكون مطلبها لم يكن ضمن ألأولويات التي كانت تواجه المغرب في بداية استقلاله.كان الصراع على الزعامات والسلطة محتدما بين عناصر فاعلة في الحقل السياسي من الحركة الوطنية وبين حزب الاستقلال الذي كان يسعى وقتها إلى الهيمنة الكاملة على السلطة وإقصاء المناوئين له...؟
فبلغ اليأس أوجه لدى أفراد المجموعة الموريتانية إلى درجة جعلت التفكير في ألانفصال عن المملكة المغربية أمرا لا رجعة فيه.؟؟ ففي الوقت الذي كانت السلطات المغربية تفاوض فرنسا وعلى انفراد بخصوص مستقبل موريتانيا، لإرجاعها إلى الوطن ألأم المملكة المغربية...كانت المجموعة الموريتانية الساخطة، تعلن وحدة الموريتانيين في مواجهة الاستعمار الفرنسي بالوسائل الدانية القليلة.. ودلك لكسب التأييد الدولي، في اعتبار موريتانيا دولة منفصلة عن المملكة المغربية، كاملة السيادة في حال استقلالها،،ودلك ما حصل بالفعل..،
فأعلنت فرنسا خروجها من موريتانيا سنة 1960، لتعلن هذه المنطقة استقلالها، ولكن كدولة منفصلة عن المغرب، وهي المعروفة الآن " بالجمهورية ألإسلامية الموريتانية ".حصلت على اعترافات دولية بمساندة قوية من الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة، الذي كانت تجمعه مع المختار ولد داداه، رابطة مصاهرة،، وهما متزوجان من اخو تين فرنسيتين.
انقسام على السيادة الموريتانية
شعرت إسبانيا بالقلق الشديد لاستقلال المغرب وموريتانيا، ومِن ثَم أعلنت سنة 1961م أن الصحراء المغربية لا ولن تكون إلا محافظة إسبانية، في محاولة لصرف أذهان المغاربة تمامًا عن هذه المنطقة. وفي هذه الأثناء توفِّي جلالة المغفور له الملك محمد الخامس رحمه الله ليخلفه في الحكم، على عرش المملكة المغربية،، ابنه البار جلالة الملك الحسن الثاني، الذي آثر الطريق السلميّ في حل مشكلة الصحراء المغربية وموريتانيا، فأحدث للتو وزارة تكلفت بشؤون الصحراء وموريتانيا،، ولجأ إلى الأمم المتحدة لكي يطالب بتحرير الصحراء المغربية الغربية، وضمّ موريتانيا إلى المغرب كما كانت قبل الاحتلال الفرنسي لها، وهذا ما أدى إلى أزمة واضحة بين المغرب وموريتانيا.مما نتج عنه بزوغ جبهة مناوئة للمختار ولد داداه في نواكشوط وفي المغرب على حد سواء ،ضمت على الخصوص وجوه موريتانية بارزة معتدلة.. كالأمير فال ولد عمير ، أمير اطرارزة ،، الذي قتل مسموما بأحد مستشفيات مدينة– اطار الموريتانية،- الداي ولد سيدي بابا –حرمة ولد بابانا، احمد تكنة،.
وهؤلاء وغيرهم من الموريتانيين الموالين للطرح المغربي بقوا ينشطون بالوزارة " وزارة الصحراء وموريتانيا، التي كانت ترعى أيضا شؤون رعايا جلالة الملك المنحدرين من الصحراء المغربية الشرفية "، بقوا إلى أن اعترف المغرب مكرها بموريتانيا سنة 1969،اعترافا جيوسياسيا، تنازلا منه واستعدادا لاسترجاع الصحراء المغربية الغربية التي بقيت ترزح تحت نير الاستعمار الاسباني, فمنهم من قضى نحبه بالمغرب، ومنهم من ينتظر،حاملين لجنسيتهم المغربية الأصل، ماعدا المرحوم فال ولد عمير الذي اغتيل في موريتانيا كما ذكر أعلاه، وهو في زيارة عائلية هناك,
حررت الجزائر في سنة 1962م من الاحتلال الفرنسي، وما لبثت أن دخلت في صراع عسكري مع المغرب باعاز من الثورة الناصرية التي كانت تود إزالة النظام الملكي المغربي وتكتسح شمال غرب إفريقيا.. ودلك باختلاق مشكل بخصوص منطقة تندوف، وهي أرض مغربية ضمها الاستعمار الفرنسي للجزائر الفرنسية سنة 1952، وطالب ه المغرب بعد استقلال الجزائر، لكنْ لم يتوصل الطرفان إلى حل؛ فدارت معركة عُرفت بـ "حرب الرمال" سنة 1963م، وقد دونت بالتفصيل في هدا الموقع، قصة هده الحرب التي فرضت على المغرب في مقال مطول مفصل بما فيه الكفاية، في 6 حلقات،للرجوع إليها عند الحاجة.. وكانت لهده الحرب تداعيات سلبية كبيرة على مشكلة الصحراء المغربية الغربية الحالية، وقد سبق لي في هدا الموقع أيضا الحديث عن قضية تندوف والقائد الصنهوري وطائفته من قبيلة - ارقيبات الشرق - وعن العَلاقات الجزائرية المغربية، بشيء من التفصيل.
تدخلت الدول العربية والإفريقية لحل النزاع، وتم بالفعل وقف الحرب، لكن ظلت البراكين والحزازات في النفوس، خاصة لدى الجزائريين؛ فقد بقيت تندوف بيد الجزائر إلى ألآن، وهذا ما كان له ألأثر البليغ كما نرى اليوم على قضية الصحراء المغربية الغربية التي افتعلتها الجزائر، للصفر بمجموع تراب الصحراء المغربية الشرقية ،
ظلت الأمور ساكنة في الصحراء المغربية، مع مطالبات في الأمم المتحدة خاصة بقضية الصحراء كان يتقدم لها المغرب في كل مناسبة متاحة، والجديد في الأمر أن كلاًّ من المغرب وموريتانيا بدأتا تطالبان بالصحراء المغربية! ومِن ثَمّ انقسم العرب على أنفسهم حتى في الأمم المتحدة ! من مؤيد للمملكة المغربية ومعارض لها، مساندة لموريتانيا.
في سنة 1970، قامت انتفاضة عسكرية في مدينة العيون في الصحراء المغربية عُرفت بانتفاضة "الزملة "، تطالب بتحرير الصحراء المغربية من إسبانيا، وقامت إسبانيا بقمع هذه الانتفاضة بعنف شديد، وقُتل واعتقل عدد كبير من الصحراويين، لكن الأمور لم تهدأ، بل استمرت المقاومة بقوة. هناك سجل حافل ينطق عن نفسه، وليس من حقي ان أفتي في الأمر,
وفي 10 مايو 1973، تأسست جبهة عسكرية من المنتمين الى الصحراء المغربية، تهدف إلى مقاومة المستعمر الأسباني وإخراجه من الصحراء،كان اغلبهم من الشباب المتحمس من ساكنة شمال الصحراء، من طانطان وكلميم..كانوا من طلبة الجامعات المغربية, جأوالبسطوا هدا الموضوع في بداية الأمر للسلطات المغربية، آملين الموافقة، حتى يكون لعملهم المشروعية الوطنية والتزكية القانونية.. إلا أنهم جوبهوا بالرفض إلى درجة أنهم شعورا باستهتار مخاطبيهم، في طانطان بالخصوص، واستعداد السلطات العمومية لقمعهم.،وأمام هدا الوضع، قرروا صرف النظر مؤقتا على هدا,,؟؟ لينقلوه بعد دلك لى الجارة الجزائر التي حبذت الفكرة وأظهرت لهم تحمسا كبيرا، بينما انفتحت لها شهية كبيرة للعب هده الورقة، لسرقة المبادرة من المغرب ومضايقته في استرجاع صحرائه، وبالتالي شغله عن المطالبة بصحرائه الشرقية ؟ ولما لا ، الظهور كطرف معني بقضية الصحراء،و الضفر بنافدة على المحيط ألأطلسي.
جندت الجرائر مخابراتها العسكرية منها والمدنية ، لإنجاح الفكرة وتطبيقها على ارض الواقع.. وقد عرفت هذه الجبهة باسم البوليساريو. وكلمة البوليساريو عبارة عن الحروف الأولى لكلمة "الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب"، وهذا باللغة الإسبانية. وقد ادعب الجبهة بأنها خاضت اول حرب لها مباشرة مع المستعمر الإسباني بعد عشرة أيام من تأسيسها.أي في 20 مايو من نفس السنة، بحيث لم يكن دلك الا اول خرجة من شطحات الجزائر لاستقطاب التأيد لها في هده اللعبة الجديدة ضد المعرب الدي يكون لها غصة في الحلقوم..،
شاع خبر المولود الجديد، وتلقفه العقيد معمر القدافي في طرابلس الغرب، حيث لم يعد يسمع سواء على نفس الموجة الجزائرية في هدا ألاتجاه بتحمسه لدعم هده الجبهة الوليدة دعما عسكريا وافرا..وأقام عقيقية لها ، وفق قدافياته المعهودة، ليرفع من قيمة جبهة البوليساريو، إلى الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.
اولا,, للمساهمة في تحرير الصحراء الغربية من ألاستعمار ألأسباني ومساعدة الشعب الصحراوي على ألانعتاق، كما كان يتخيل له في بداية ألأمر.وصرح بدك فيما بعد ؟
ثانيا,, ألانتقام لنفسه من الحسن الثاني رحمه الله، بعد أن كان قد افشل له، محاولته والجزائر، في زرع البلبلة داخل التراب ألمعربي والنيل من أمنه الداخلي، فيما عرف بعد دلك بأحداث مارس 1973، التي كانت بعض المناطق المغربية مسرحا لها < فجيج ،، كلميمة باقليم قصرالسوق،الرشيدية حاليا،، ومولاى بوعزة باقليم خنيفرة >. التي جندوا لها، كلابا ضالة من مغاربة ألاتحاد الوطني للقوات الشعبية,,فرع، الفقيه البصري والعقيد بن حمو.الفارين الى الجزائر وليبيا مند حرب الرمال مع الجزائرسنة 1963، بل وقبلها لاسباب اخرى،، لا يتسع المجال للاطناب فيها بالتفصيل.
كان التوجُّه العام لجبهة البوليساريو توجُّهًا شيوعيًّا ماركسيًّا حسب العقول البسيطة لمؤسسيها من الطلبة المغاربة الصحراويين، ومن ثَم فقد حصلت على الدعم مباشرة من ليبيا و من الجزائر، والذين كانوا ينتمون إلى نفس الاديولوجيةالشعاراتية الزائفة، بينما كان توجُّه المغرب، غربيا و أمريكيًّا واضحًا، وهذا اثر على الأوضاع كما هو معلوم، في ضل الحرب الباردة التي كانت في أوجها.
إسبانيا وإثارة القلاقل قبل مغارة المنطقة..
حاولت إسبانيا أن تقمع المقاومة العسكرية التقليدية في الصحراء المغربية الغربية، ولكنها فشلت في ذلك، مما جعلها تقرر الخروج منها نهائيًّا في سنة 1975م، لكنها لم تشأ أن تخرج دون أن تترك وراءها مشاكل تُبقِي على الصراع في هذه المنطقة مفتوحا و طويلا ما امكن؛ بحيث لا تنعم بالاستقرار أبدًا، ومن ثَمة جرت الجزائر الى صفها لاضعاف المطالب المغربية وللمناورة ايضا قدر ألأمكان. ولذا، ومن اجل التمويه، فقد دعت إسبانيا الى عقد مؤتمر في مدريد يضم المغرب وموريتانيا، أعلنت خلاله أنها ستخرج من الصحراء المغربية نهائيًّا، لتترك هذه المنطقة للدولتيْن المغربية والموريتانية، يحكمانها بالطريقة التي قد تناسبهما!
وكان هذا المؤتمر في سبتمبر 1975م، وعُرف باتفاق مدريد، وتلاحقت الأحداث بسرعة؛ فالمنطقة تغري ويطمع فيها الكثيرون، وكل واحد له حُجّته ودليله! فالمغرب يريد الصحراء المغربية لأنها - فعلاً - كانت جزءٌ من أراضيه، وقد احتلت 91 سنة ثم تحررت، فلماذا ادن لا تعود إلى أصولها؟ وموريتانيا ترى أن أخذ المغرب للصحراء المغربية سيجدد مطالبه بضم موريتانيا ذاتها إليه بحكم أنها كانت تشكل امتدادا طبيعيا له، ومن ثَم فالمطالبة بالصحراء المغربية أو بجزءٍ منها، هو مطلب جيوسياسي، اكثر منه ترابي، سيكفل أمانًا للحدود الموريتانية.
أما جبهة البوليساريو وليبيا والجزائر، فيرَوْنَ أن المغرب وموريتانيا لم يبذلا جهدًا عسكريًّا لحل الأزمة، وأنه لو ظل المغرب يطالب ألف سنة بالصحراء المغربية في الأمم المتحدة فإن إسبانيا لن تخرج من الأرض، ومن ثَم فهُم الذين بذلوا الجهد في سبيل التحرير، ومن هنا فهُمْ يريدون إعلان منطقة الصحراء المغربية دولة مستقلة لا تتبع المغرب أو موريتانيا، ومن الجدير بالذكر أن الجزائر وقفت مع جبهة البوليساريو في مطالبها دعما ماديا،عسكريا،ودبلوماسيا، وذلك بالطبع نظرًا، للتوجُّه الايديولوجي المغلوط للفريقيْن، إضافةً إلى الطمع الجزائري والعمى، والى الخلفية التاريخية للصراع بين المغرب والجزائر.
سارعت المملكة المغربية وموريتانيا باللجوء إلى محكمة العدل الدولية بلاهاي بهولندا، للبتّ في هذه القضية المفتعلة من الجزائر،ولبيبيا، واسبانيا..، فقضت المحكمة في 16 أكتوبر 1975م بأن ارض الصحراء لم تكن .. ارض خلاء كما تدعي اسبانيا، بل كانت هناك علاقة تاريخية، علاقة بيعة وولاء بين القبائل المغربية الصحراوية و بين العرش العلوي القائم في المغرب، و كدا موريتانيا، مع هذا الإقليم الصحراوي المتنازَع عليه، ومع ذلك فإنه ينبغي استفتاء جمهور الساكنة في الصحراء المغربية لمعرفة رغبتهم فيما لو أرادوا الانضمام إلى إحدى الدولتين أو الاستقلال عنهما.
في الوقت الذي كانت فيه اسبانيا والجزائر تتآمران على خدعة وغدر المغرب،، كان المغفور له الحسن الثاني رحمه الله، يهيئ ..وفي سرية تامة.. ابتكاره الفذ، معجزة المسيرة الخضراء. التي فاجئ بها العالم ، فبالأحرى، اسبانيا، والجزائر ومرتزقتها. مسيرة اسالت الكثير من الحبرعبر العالم. وسارع في نفس اليوم، أي في 16 اكتوبر1975،يوم اعلنت محكمة لاهاي الدولية حكمها بخصوص صلة المملكة المغربية بالصحراء ، بمخاطبة الشعب المغربي، طالبًا منه القيام بمسيرة سلميَّة خضراء، عُرفت بـ "المسيرة الخضراء" للتوجُّه إلى الصحراء المغربية (والتي كانت ما زالت تحت الاحتلال الإسباني)، وذلك بدون التنسيق مع السلطات الإسبانية او غيرها؛ لكي يتم فرض الأمر الواقع القائل : أن هذه الأرض تابعة للمغرب وليست لموريتانيا، أو البوليساريو،ومحتضنتها الجزائر. وقد شارك في هذه المسيرة السلميَّة التي كان سلاحها، العلم الوطني المغربي، والقرأن الكريم، 350 ألف مغربي، منها3500 مغربية، خرجت إلى الصحراء مشيا على ألأقدام في يوم مشهود، لازال يحتفل به وطنيا، وهو 6 نوفمبر 1975، وعادت بعد أربعة أيام، في 9 نوفمبر 1975.لما بلغت ألأهداف التي خططها لها مبدعها،وحين أدعنت اسبانيا الفرنكوية، لهد الضغط السلمي الفريد من نوعه في تاريخ العالم المعاصر..
وخلال الأيام ألأربع للمسيرة، زار العيون عاصمة الصحراء، ولي العهد ألاسباني أنداك خوان كارلوس.. الملك الحالي لاسبانيا، في محاولة منه لرفع معنويات الجيش الاسباني المنهارة في الصحراء بسبب المسيرة الخضراء، في حين كان الرئيس ألاسباني الجنرال فرنكو يحتضر، واسبانيا والساسة الاسبان حائرين من آمرهم أمام الوضع الجديد ألدى خلفته المسيرة الخضراء في إقليم الصحراء،ألأمر الذي عجل بإبرام اتفاق مستعجل بين اسبانيا، الدول المستعمرة للصحراء وبين المملكة المغربية وموريتانيا.
التقسيم الاستراتيجي للصحراء،كان مقامرة من جلالة الملك الحسن 2..
وعلى الرغم من ما حققته المسيرة من أهداف سلمية، و من مطالبة المغرب بالصحراء المغربية الغربية كلها، بل بموريتانيا أيضًا، إلا أنه جلس مرغما.. حسب النهج الجيوستراتيجي الذي اعتمده في حل هده النازلة، مع موريتانيا في حضور إسبانيا، وذلك يوم 14 نوفمبر 1975، في مدريد، بهدف جلاء اسبانيا،وتقسيم أرض الصحراء المغربية بين الدولتين!! فأخذ المغرب ثلثي الصحراء (إقليم الساقية الحمراء)، وأخذت موريتانيا الثلث الجنوبي (إقليم وادي الذهب)، وهذا بمنطق، شيء أفضل من لا شيء!!
وفي يوم 12 يناير 1976، خرج الجيش الإسباني من الصحراء المغربية الغربية، لينطلق الجيش الملكي المغربي إلى إقليم الساقية الحمراء، وكذلك الجيش الموريتاني إلى إقليم وادي الذهب، بينما رفضت جبهة البوليساريو هذا الأمر كُلِّيَّة، بل تفاقم الأمر جدًّا عندما أعلنت الجزائر بواسطة البوليساريو قيام الجمهورية الصحراوية العربية الشعبية الديمقراطية، قياما رسميا، وذلك في الجزائر العاصمة يوم 26 فبراير 1976، وجعلت مقرها في تندوف (الارض المغربية المحتلة من طرف الجزائر)،وكانت الجزائر أول الدول اعترافًا بهذه الجمهورية الجديدة، وتوالت اعترافات الدول صاحبة التوجُّه الشيوعي الماركسي مثل ليبيا وكوريا الشمالية وإثيوبيا وإيران تحت حكم الشاه، وأفغانستان تحت الحكم الروسي، وغير ذلك من الدول ألأقزام المندفعة لتودد الجزائر.
وبدأ صراع من نوع جديد، فهذه القوات الجزائرية بدأت تخطط للحرب مباشرة ضدَّ ما أسمتهم بالمحتلين الجدد: المغرب وموريتانيا. وإزاء هذا الموقف عُقدت اتفاقية تفاهم، للترسيم المشترك بين المغرب وموريتانيا في يوم 14 إبريل 1976، تقضي بتقسيم الصحراء المغربية الغربية بينهما؛ مما أشعل غضب الجزائر والبوليساريو، فتوجَّهَتْ بمهاجماتها العسكرية ناحية الطرف الأضعف، وهو موريتانيا، ووصل الأمر إلى الهجوم على نواكشوط في 9 يونيو 1976م، في حملة، قتل فيها الرئيس الجزائري هواري بومدين، بواسطة المخابرات العسكرية الجزائرية، قتل قائد الحملة الوالي مصطفى السيد، وهو انداك رئيس جبهة البوليساريو، الذي عبر عن رفضه القاطع لإتباع هدا النهج العدائي ضد وطنه المملكة المغربية، مادام أن الاستعمار،قد خرج من الصحراء المغربية الغربية،،،وفيل رسميا أنه استشهد في هده الواقعة، لتفادي أي تصدع في صفوف الجبهة.
هدا ألأمر جعل المتعقلين من مؤسسيي جبهة البولساريو يلتحقون على الفور، فرادا وجماعات، بالوطن ألأم، ودلك بإشراف محكم من عضوي الكورطيس ألاسباني (البرلمان)، ممثلي الصحراء فيه، المرحومين، الحاج خطري ولد سيدي سعيد الجوماني، ومحمد ولد ابراهيم ولد البشير، الدين استقبلوا بحفاوة بالغة في مدينة اكادير من طرف جلالة المغفور له الحسن الثاني تغمده الله برحمته الواسعة.
ومن هؤلاء الملتحقين،أذكرواحدا منهم،الدكتورالسيد محمد الشيخ بيد الله، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، وزير الصحة المغربي الأسبق،والوالي السابق بوزاره الداخلية على اقليم اسفي،الدي كان قد كشف عن معطيات مثيرة تؤكد ما سبق دكره، تهم تفاصيل تأسيس جبهة البوليساريو، إذ أقر بأنه كان واحدا من بين المؤسسين للنواة الأولى لما سماه بـ«الجبهة الجنينية لتحرير الصحراء»ا إلى جانب عمر الحضرمي المنظر الرئيس للجبهة، و محمد الوالي، وخليهن ولد الرشيد الرئيس الحالي للكوركاس، وسليم السالك، وزير الخارجية الحالي للجبهة.مؤكدا أن النواة «الجنينية، التي تعني بالنسبة له، الجنين الخارج من رحم المقاومة الصحراوية التقليدية»، ساهم في تكوينها، مضيفا انه اشتغل مع الطلبة الصحراويين بجامعة محمد الخامس بالرباط، وأنه شارك في المظاهرات الطلابية المساندة لاستقلال الصحراء في الرباط، قبل أن يقرر انسحابه من التنظيم بعد أن اتضحت جدية محاولات ليبيا والجزائر السيطرة على الجبهة وتوظيفها في صراعها آنذاك مع المغرب.وتجدر ألاشارة الى أن السيد بيد الله، كان قد رفض وهو في زيارة الى الجزائر العاصمة ضمن الوفد المرافق لجلآلة الملك اثناء انعقاد احد المؤتمرات العربية هناك، رفض استقبال اخ له، يكبره سنا ، وهو عضو بارز في جبهة البوليساريو،الدي جاء لاحياء صلة الرحيم معه،قائلا له بكل جرءة.." لن أقبل منك هدا، الا في مدينة العيون؟ "
بعد هدا،ازداد الوضع تأزمًا مع الجزائر؛ مما دفع بموريتانيا إلى عقد اتفاقية دفاع مشترك مع المغرب في 13 مايو 1977 ، فردَّت البوليساريو بهجوم جديد على نواكشوط في 3 يوليوز من نفس السنة، وشعر الرئيس الموريتاني محمد خونا ولد هيدلة بالخطر الشديد الذي يحدق بموريتانيا، التي ورطها في الصحراء الرئيس الموريتاني ألأسبق المختار ولد داداه، الذي أطاح به في انقلاب عسكري؛ مما دفعه إلى قبول وساطة سرية جزائرية، في 5 غشت سنة 1979، قضت بعقد اتفاق يودي بخروج موريتانيا نهائيا من إقليم وادي الذهب ، وبالتالي من قضية الصحراء، لفائدة الجزائر وجبهة البوليساريو، وقد تم هذا الخروج بسريعة فائقة، إلا أن القوات المسلحة الملكية المغربية التي كانت تتتبع الوضع بدقة شديدة، كانت هي ألأولى له بالمرصاد، فدخلت على الفورً في 14 أغسطس 1979، إلى هذا الإقليم، معلنةً رجوعه الذي كان منتظرا إلى التراب المغربي، لضعف الجانب البنيوي العسكري الموريتاني، ودلك على مبدأ أحقية المغرب به، وأن الرجوع إلى ألأصل، أصل. توج دلك باستقبال المغفور له الحسن الثاني في الرباط لوفد كبير من قبائل إقليم وادي الذهب، الذي سلمه السلاح، عبارة عن بنادق رمزية، تنم عن استعداد المملكة المغربية للدفاع عنهم مهما يكلف دلك من ثمن..
الصراع والاستفتاء،والتنمية ، وألأمن بالصحراء..
خرجت ادن موريتانيا بذلك من الصراع، بل واعترفت بالجمهورية العربية الصحراوية الشعبية الديمقراطية الوهمية، في 27 فبراير 1984، لتأمين سلامتها، واستقرار أمنها. وبذلك كثَّفت البوليساريو والجزائر من الهجمات العسكرية على المملكة المغربية، وكان التسلل إلى داخل ارض الصحراء سهلا، لشساعة مساحتها، ولعدم القدرة والإحكام في كل مسالكها، ألأمر الذي دفع بالمغرب إلى تحصين قواته المسلحة، ببناء ما يسمَّى بـ "الجدار الرملي ألأمني"؛ بهدف منع الجيش الجزائري و مقاتلي البوليساريو من دخول التراب المغربي، وكان هذا الجدار بدعم غربي أمريكي! وتحت إشراف جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني شخصيا!! حيث تم بناؤه بين عامي 1980 و1987.
استمر الصراع العسكري بين الجزائر وأفراد البوليساريو وبين المغرب حتى سنة 1988 (مدة 13 سنة)، إلى أن تمت موافقة الطرفين على الجلوس للتفاوض في الموضوع، وقام الطرفان في سنة 1988، بعقد ما يسمَّى باتفاق المبادئ، والذي يسعى لمعرفة رأي الصحراويين المغاربة سواء منهم المستوطنين للأقاليم الجنوبية، أو المحتجزين في الجانب الجزائري، في مخيمات تندوف في القضية، و الشروع في الاستفتاء لحل المشكلة.
تزامن هذا الأمر مع حدوث تصدعات كثيرة في التحالفات الموجودة بين الجمهورية الصحراوية المزعومة وبين حلفائها، وخاصة الجزائر التي انشغلت بأحداثها الداخلية. كما تنامى مد التطرف الإسلامي في المنطقة، الذي يرفض التوجُّه الماركسي لجبهة البوليساريو، وتزايدت حدة الضغط العالمي على المغرب بخصوص القضايا المتولدة عن هدا المشكل المصطنع ، وغير ذلك من الملفات التي لها علاقة بالصحراء.. و هذا ما أدى إلى قبول الأطراف المختلفة بالجلوس للبحث عن حل سلمي للقضية وإيقاف إطلاق النار بإشراف من ألأمم المتحدة ومجلس ألأمن سنة 1991، والذي لازال ساري المفعول حتى ألآن.. !!
هل يصل الفريقان ، المغرب والجزائر إلى حل؟!
إن الفريقين يتكلمان لغة مختلفة، فلا المغرب يفهم صحراوي البوليساريو، ولا هم يفهمون المغاربة، ومن ثَم طال أمد المفاوضات وطال وطال؟؟، فالجزائريون يطرحون على لسان البوليساريو ما طرحته الأمم المتحدة من إجراء استفتاء لتحديد مصير في الصحراء الغربية، ويلحون عليه، ولكن هذا الاستفتاء اثبت الواقع المفتعل من طرف الجزائر، انه مستحيل في ظروف، تم النفخ خلالها في اللوائح الانتخابية من طرف الجزائر، التي استقدمت لهده الغاية رحالة الجفاف من الدول المجاورة من كل من موريتانيا،ومالي، والنيجر، ومن المغضوب عليهم من طوارق الساحل، ومن المرتزقة الفارين من القانون ؟!
الحكم الذاتي في اطار السيادة المغربية، حل مغربي تاجع لارجعة فيه،،
إن الأزمة مفتعلة بالتأكيد ، تنج عنها انعدام الثقة بين كل الأطراف، والجزائريون ينفخون في النار ليستمر الاشتعال،، كل هذا أدى إلى الدخول في طريق مسدود؛ فاستمرت المفاوضات سنة، وسنتين، وعشرة، حتى أعلن في ألأمم المتحدة في سنة 1999، عن توقف خطة الاستفتاء لاستحالة تطبيقها! والبحث عن البديل.
في 31 مايو سنة 2000، وباعاز من المملكة المغربية، تقدمت دولتا فرنسا والولايات المتحدة ألأمريكية، بمبادرة مشتركة لمجلس الأمن لصياغة حلّ سياسي يقوم في الأساس على إعطاء حكم ذاتي لأقاليم الصحراء المغربية، وذلك تحت السيادة المغربية، وهو ما يبدو في ظاهره، حلاًّ يُرضِي صحراويو البوليساريو، خاصة ما يسمى ب خط الشهيد الوالي مصطفى السيد، ولا يرضي الجزائر، لانعدام الثقة - كما ذكرنا - بين المغرب وبين جناح البوليساريو الموالي للجزائر، والمتكون في غالبيته من أرقيبات الشرق الجزائريين.
كما أنه لا يخفى على الجميع أن فرنسا وأمريكا، هما دولتان صديقتان للمملكة المغربية،وأن تدخلهما في حل القضية، كان بدافع الطِّيبة، والحرص على استقرار ألأمن في المنطقة، وضمان حقوق ألأطراف المعنية بهدا ألأمر، وتفاديا ايضا لاستفحال ظاهرة المد الإسلامي المتطرف في شمال إفريقيا،. ومن هنا فقد رفضت جبهة البوليساريو - ومن ورائها الجزائر - لهذا الطرح، خاصةً أن التقارب بين أمريكا والمغرب كبير، وكبير جدا، حسب طرح الجزائر، ولن تكون الوساطة تامَّة النزاهة..حسب اعتقادها!.
وتوقفت المفاوضات عدَّة سنوات، ثم برزت ألأمم المتحدة التي تسهر على استثباب ألأمن بأقاليم الصحراء المغربية بواسطة ،، المينورسو،،برزت من جديد كوسيط شرعي، ووحيد في مشكلات العالم، لتدعو الطرفين للتفاوض تحت رعايتها، وقَبِل البوليساريو هده الدعوة في ظل الوضع المتردي لجمهوريتهم الاسميَّة الكرطونية، والموجودة في السراب، بتندوف بالجزائر، وبدأت سلسلة من المباحثات في ضاحية ،،مانهاست،، بضواحي نيويورك في أمريكا، وصل عدد الجولات بين الفريقين لحد ألآن إلى أربعة، باءت كلها بالفشل ، وهي الآن تمهد للجولة الخامسة بإشراف المبعوث الخاص الجديد للأمين العام ألأممي ،، بان كي مون،،، السفير ألأمريكي،،روس،، وأغلب الظن أنها ستفشل هي أيضا،وسيفشل ما بعدها، كما فشلت الجولات الأربعة السابقة. وفد سبق لي أن اشرت في مداخلات سابقة في احدى غرف ،، البالطوك،،الى هدا ألاحتمال، بسبب تعنت الجزائر وعدم رغبتها في مسايرة المجتمع الدولي في هدا المنحى.
وفي الختام، لا أريد الدخول في متاهات قرارات مجلس ألأمن، ولا في شطحات اللجنة الرابعة لتصقية ألاستعمار الأممية التي يغلب على بعض، ان لم نقل على جل أعضائها ،،البترو دينار الجزائري كل سنة، ولا في توصيات ألأمم المتحدة، بل لا استطيع أن اسرد بدقة كاملة، ما حبلت به من تراكمات، مواكبة محطات هدا الصراع، الممتد على طول هده الحقبة الزمنية، بين المد والجزر. محطات شهدت على مدى أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، صراعات خفية ومعلنة بين المملكة المغربية وبين الجزائر، في كل الميادين المسخرة لهده القضية،، خاصة منها الدبلوماسية على المستوى الدولي، الدبلوماسية المغربية الهادئة، وان كانت قد تعثرت في بداية المشكل، فإنها أظهرت ألآن للعالم،، أثناء الكر والفر،، في العهد الجديد، عدالة قضيتنا الوطنية ألأولى وأكسبتها تأيدا دوليا، معرية بدلك في هدوء، خبث الجزائر وعنادها، وعدائها للشرعية الدولية، وكدا تقهقر طرحها الذي لا مصداقية له، والدي أضحى بفعل دلك، يفقد قوته عبر العالم، مع مرور الوقت الذي يلعب لصالح القضية على المستوى ألأممي، رغم قوة البيترودينار الجزائري الموظفة لهده الغاية.
مع العلم أن المغرب ماض مند استرجاع ألأقاليم الصحراوية في سياسته التنموية في هده الربوع من الوطن، دأبها كسائر المناطق ألأخرى في المملكة، موازاة مع سعيه الحثيث في البحث عن طي هدا الملف الذي عمر طويلا.
والدليل الواضح، هو الختم الشريف الذي ختم به العاهل الكريم، جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده هدا الملف ، وطواه محليا وداخليا، يوم وضع خفضه الله الخاتم الشريف على الظهير، ونصب بموجبه المجلس الملكي ألاستشاري لشؤون الصحراء في العيون، الكوركاس، وقال قولته المأثورة ،، المغرب في صحرائه، والصحراء في مغربها. و السلام