Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.

  • من أسباب الصراع المغربي الجزائري، مشكل الصحراء الشرقية

    " من أسباب الصراع المغربي الجزائري، مشكل الصحراء الشرقية ".

     

    يلاحظ المتتبع لهذا الموقع، أن كل كتاباتي كانت بالفرنسية، فرنسية مبسطة، و معظم المواضيع تناولت أسباب التوتر المغربي الجزائري بدءً من حرب الرمال لسنة 1963 إلى مشكل الصحراء المغربية الغربية.

     ولتعميم الاستفادة من كل الكتابات في هذا الموقع  طلب مني بعض الإخوة المغاربة- رواد الانترنيت- محاولة الكتابة حتى بالعربية، و نزولا عند هذه الرغبة، أسوق فيما يلي هذا العرض المتواضع و البحث المركزي حول الصراع المفتعل الذي يقف وراءه الحكام الجزائريون في هذه المنطقة.

    حتى نفهم جانبا آخر من الصراع المغربي الجزائري، ينبغي أن نقف ولو لحظة قصيرة أمام خارطة الجزائر المستقلة سنة 1962، لنرى كيف أن بطنها منتفخ عير طبيعي و ممتلئ بأراضي وقبائل وشعوب الجيران التي اقتطعت و انتزعت بالقوة من طرف الاستعمار الفرنسي كان متواجدا في منطقة شمال إفريقيا منذ 1830 .

    فهذه الأراضي و هذه القبائل هي عبارة عن ألغام موقوتة خلفها المعمر الفرنسي كي تنفجر تباعا متى شاء ووقت ما أراد سواء في شرق أو غرب أو جنوب الصحراء الكبرى، فالحدود المغربية الجزائرية عرفت  في الماضي عدة مراحل في ترسيمها و تحديدها، فالجزائر حتى تضمن تماسكها الداخلي، حاولت مرارا و تكرارا افتعال مشاكل أخرى جانبية و ثانوية للمغرب للتغطية على المشكل الأساس و المركزي و أعني بذلك الصحراء الشرقية المنطقة الممتدة من ولاية بشار إلى عين صالح بأقصى الجنوب الجزائري.

    يخاف  الجزائريون أن يسترجع المغرب صحراءه الغربية وبعد ذلك يتفرغ لصحرائه الشرقية، التي هي الأخرى تعتبر دائما امتدادا  تاريخيا و طبيعيا للمملكة المغربية، ففرنسا التي استعمرت الجزائر منذ 1830 أنشأت نظام الحماية على المملكة المغربية سنة 1912 بعد انتصارها على المغاربة في معركة ايسلي 04/08/1844 التي كان محورها، مؤازرة المغاربة للأمير عبد القادر الجزائري، فنتائج الحرب كانت كارثية على وحدة المغرب                   و مناسبة لفرنسا المنتصرة اتخاذ إجراءات عسكرية لتغيير معالم الحدود  المغربية بدعوى  محاربة التهريب                       و القضاء على التمرد المنطلق من الأراضي المغربية لفائدة مقاطعة الجزائر الفرنسية و هكذا اقتطعت من المغرب مدن و قرى بأكملها كتلمسان و كوارة و تيدي كلت و كلوم و بشار و ادرار و تندوف إضافة إلى منطقة توات بكاملها التي كانت تابعة آنذاك للمغرب و التي تعتبر في جميع المخطوطات التاريخية و الانثروبولوجية امتدادا جغرافيا             و سياسيا و قبليا لمنطقة  تافيلالت المغربية. وقد تناولها العديد من المؤرخين العرب كالادريسي و حسن الوزان  Léon l’Africain) وابن خلدون و الزياني، كما تكلمت عنها الصحافية الفرنسية التي عاشت في موريتانيا ما بين 1919 إلى 1962 اوديت بيكودو ( Odette du Puigaudeau) ، حيث اعتبرت المنطقة ولايات مغربية، بدليل أن السكان  كانوا يؤدون الضرائب باسم السلطان، وان صلاة الجمعة و الأحكام القضائية تنطق باسمه و يصومون مع المغرب.

    وللعلم ففي كل الدول، الضريبة تدفع إلى السلطة الحاكمة للإقليم الموجود تحت سيادتها الشرعية و القانونية، فالفرنسيون في الجزائر لم يحددو بصفة نهائية الحدود الممتدة بين فجيج إلى عين صالح، أي حدود الصحراء الشرقية، كما كان الشأن في اتفاقية للامغنية التي رسمت حدود البلدين من السعيدية إلى فجيج فقط، تاركين وضع هذه الحدود المغربية الجزائرية غامضا و ذلك لغرض في نفس يعقوب.

    ففي رسالة صادرة بتاريخ 6 يناير 1886 عن الوزير الفرنسي للخارجية ( دوكليرك Duklerc إلى زميله وزير الداخلية ارمان  فاليير  Armand Fallieresحيث تعرض فيها إلى الحدود بين الجزائر الفرنسية و المغرب المستقل آنذاك أي ما كان يسمى بالامبراطورية الشريفة، قائلا:" إن الحكومة الفرنسية من مصلحتها الاعتماد على النظرية المعروفة التي تتمثل في أن أفضل الحدود هي الحدود الغير المحددة مع جيران الجزائر الفرنسية( النزاع الليبي- الجزائري- التونسي حول المياه الجوفية للصحراء لازال قائما و لازالت اللجنة الثلاثية متعثرة في إيجاد حل متفق عليه بين البلدان الثلاثة)". إن هذه النظرية منحت لفرنسا  الاستعمارية امتيازا مزدوجا ، الأول يتمثل في اجتناب مشاكل السيادة مع الجيران، والثاني مهد لها إقامة قواعد محتملة للتوسع الفرنسي في اتجاه المغرب و ليبيا و تونس              و دول الساحل، فالمعطيات الجغرافية لمنطقة توات مثلا تؤكد أنها محددة في الشمال من طرف تديمايت و موازية لوادي الساورة Saoura، فهي منطقة تتكون من العديد من الواحات و القصور( قرى صغيرة)، أهمها واحة اتوات وواحة تيدي كلت، وواحة كورارة وواحة عين صالح وواحة اليزي وقصر تيميمون وواحة المطارفة، وواحة انتيمي، وواحة بندا، وواحة عين الغار. إنها منطقة ممتدة على مسافة تقدر ب 250 كلم  طولا، حيث تخترقها العديد من الوديان القادمة من المغرب كوادي كيير ووادي زوزفان. فهذه الواحات تتوفر على مياه جوفية كبيرة تغدي منطقة الساورة بأكملها.

    لهذا السبب فكر سكان اتوات  و الساورة ومنذ القدم في طرق عملية  تقليدية لاستغلالها ، مما مكنهم من البقاء  و التحضر وزرع أراضي قاحلة، و كما جاء في التاريخ فان القبائل المغربية الأصل و التي أهمها، قبائل ذومنيع، لعمور، لغنانمة، ازغامرة، اولاد جرير، اشعامبة، عاشت من خلال الزراعة وتربية المواشي. هذا الرخاء و الاستقرار توفر بسبب غنى الصحراء الشرقية بالمياه الجوفية و المعادن المختلفة، كالفحم الحجري في القنادسة و الصفاية        و كسيكسو و الغزاريف. أما المنغنيز و الرصاص فهما موجودان في جبل كطارة، و الحديد فنجده في غار الجبيلات بضواحي تندوف.

    إن هذه الواحات تكون في الوقت الحاضر منطقة الساورة و عاصمتها بشار و تمتد إلى ولاية تندوف، فالأرشيفان  (2 archives)العثماني و الفرنسي، المنشوران مؤخرا في اسطنبول( 52 مليون وثيقة التي يمكن ترتيبها و نشرها الواحدة بعد الأخرى لتكون مسافة 16 كلم) يؤكدان أن السيطرة التركية لم تصل بتاتا إلى هاته الواحات بالرغم من محاولات العثمانيين العسكرية المتكررة التي قام بها البايات و الديات و الاغاوات ( les Bey –Dey- les Agha)المتمركزين في مدن شمال الجزائر. كل الصحراء الشرقية الواقعة الآن تحت السيطرة الجزائرية كانت تحت الحماية و السيادة المغربية، فالمخزن المغربي ( الإدارة المغربية) حسب الوثائق العثمانية، كان حاضرا وبقوة في المنطقة منذ الامبراطورية الادريسية، أما سكانها فهم في أغلبيتهم منحدرون من قبائل بني معقل و بني هلال                   و الزناتيين و التوارق، وأولاد اشبل، وهذه الأخيرة هي فرع من قبيلة أولاد ادليم، القبيلة الصحراوية المغربية. وقد نجحت هذه القبائل و التجارة و في تربية المواشي، فكانت قوافلهم تتبضع في تلمسان ووهران وفاس و مراكش                 و تومبوكتو في مالي . أما منتجاتهم الأساسية  فكانت الثمور و القمح و الصوف  والغنم و الزرابي و الجلود، فعندما دخلت فرنسا إلى الجزائر، أرسل المغرب وحدات عسكرية لقطع الطريق أمام المعمرين الفرنسيين الزاحفين على الواحات المكونة للصحراء الشرقية المغربية كما عرفت أعلاه، نظرا لاختلال ميزان القوى و خيانة البعض التي تكون قد سجلت آنذاك.

    أما إذا عدنا إلى الأسس و الروابط التاريخية بين الامبراطوريات المغربية المختلفة و القنادسة و اتوات                    و الساورة، فإننا نعثر على العديد من العلاقات بين هذه المنطقة و المغرب و ذلك منذ ملوك البربر. فالوثائق القديمة تتحدث عن واحة اتوات كمركز تابع لموريتانيا( مصطلح قديم يعني المغرب، بما فيه جمهورية موريتانيا الإسلامية حاليا)، ولم تكن لها بتاتا أي علاقة مع نوميديا( الجزائر حاليا). فلقد قام الشريف الإدريسي مولاي سليمان في منتصف القرن  الثاني عشر الهجري حوالي 1750 م بإنشاء العديد من القصور، أهمها قصر أولاد اوشن، حيث دفن فيه             و أصبح ضريحه يزار إلى الآن، أما المرابطون و الموحدون فقد نشروا فيها عقيدتهم و ثقافتهم  و اقتصادهم وحتى سلوكهم  المغربي، حتى  أصبحت جهة اتوات نقطة ارتكاز و انطلاق لهذه الامبراطوريات نحو السودان( السودان الغربي و سودان الخرطوم حاليا) و إفريقيا السوداء. أما المرينيون فقد أتوا بنظام إداري و اقتصادي، نظم المنطقة  ودعم روابطها بمدن فاس و مراكش كمراكز موجودة في المغرب. أما احمد المنصور السعدي، ملك الامبراطورية السعدية، فقد عين سنة 1590 الحاج جدور باشا على تومبوكتو وقواد على اتات و القنادسة.  أما الامبراطورية العلوية الشريفة، فقد استمرت ولايتها على المنطقة إلى غاية دخول الاستعمار الفرنسي الجزائر سنة 1830 في المرحلة الأولى، و في سنة 1903  حين احتل الصحراء المغربية الشرقية كمرحلة ثانية. وفي هذا السياق، لا ننسى دور الزوايا في الصحراء الشرقية الذي كان هو الآخر أساسيا و جوهريا، فشرفاء وزان كان لهم ممثلون محليون لجمع الهدايا في المنطقة و ذلك لحساب الزاوية القادرية بفاس، كما أسست بالصحراء الشرقية الزاوية البكرية نسبة لمؤسسها المغربي محمد البكري( 1618) كما أقامت الزاوية الشادلية مراكز مهمة لها في تندوف و بني ونيف وكرزاز. فالزوايا المغربية لعبت دورا دينيا و سياسيا مهما و استراتيجيا في الصحراء الشرقية سواء في نشر تعاليم الإسلام في إفريقيا السوداء أو في الدفاع عن المنطقة ضد الدخلاء و الصليبيبن. فكانت مدن و مدارس تارودانت                و مراكش و فاس في المغرب هي قبلة  التلاميذ القادمين من الصحراء المغربية الشرقية و حتى من إفريقيا السوداء. ولاستحضار التاريخ الدبلوماسي للصحراء الشرقية، يؤكد المؤرخون أن مرحلة حكم العثمانيين للجزائر لم تهتم بالصحراء بصفة عامة، نظرا لانشغالهم  بالحروب المتعددة في البحر الأبيض المتوسط، تاركة للامبراطورية العلوية الشريفة تدبير شؤون الصحراء الكبرى، سواء الشرقية أو الغربية ، و التي كانت تحت نفوذها و سيادتها السياسية،              و هذا ما تبث في الوثائق المفرج عنها مؤخرا في اسطنبول بتركيا و التي لم تستغل لحد الآن من طرف الدبلوماسية المغربية كأدلة واضحة عن روابط البيعة بين السلطان و القبائل في الصحراء الشرقية و الصحراء الغربية ( لاقناع الأمم المتحدة  و محكمة العدل الدولية بلاهاي بهولاندا). أما بعد واقعة ايسلي غشت 1844، فيمكن الإشارة إلى أن الجنرال الفرنسي دولمورسيار Général de la Mourcière  في الحرب الأولى الفرنسية المغربية رفع شعار                " لا سلم على حدودنا الغربية قبل القضاء  على المغرب ككيان و كدولة مستقلة "، فهذه الحرب المشار إليها أنتجت كل عناصر الأزمة الحالية المغربية الجزائرية، فلقد  أظهرت المواجهات آنذاك اختلالا كبيرا في ميزان القوى بين المغرب الذي كان موزعا بين قبائل السيبة و قبائل المخزن و فرنسا، حتى سميت تلك الحرب بالغوغاء، حرب مكنت فرنسا بقطع كل طرق  التواصل بين الدولة المغربية- التي أصبحت هدفا لأطماع ألمانيا و فرنسا و اسبانيا و البرتغال- و أقاليمها في الصحراء الشرقية، وضع نتج عنه ضعف في العاصمة الرباط و فوضى عارمة في القبائل البعيدة، مشجعة من طرف الاستعمار الفرنسي بسبب غياب رموز الدولة المغربية( القواد و الباشاوات و الإدارة المخزنية)،  و بما أن الشر لا يأتي وحده، فالمنطقة عرفت جفافا متواصلا لمدة طويلة طيلة سنوات متوالية مصحوبة بمرض الطاعون. كل هذه الأسباب المختلفة جعلت العديد من سكان الصحراء الشرقية، يلجئون بالآلاف إلى المدن المغربية على الساحل الأطلسي أو مراكش، أو يموتون بسبب المرض أو التهجير القسري إلى مستعمرات أخرى فرنسية ككلدونيا الجديدة (la nouvelle calidonie)  و كويانا (Guyane)  بالمحيط الهادي بمحاذاة أمريكا اللاتينية، فالفرنسيون المنتصرون في واقعة ايسلي سنة 1844 سطروا حدود المغرب و مقاطعة الجزائر الفرنسية بشكل أحادي                      ( (unilatéralement، يناسب مصالحهم الاستعمارية التي كانت تقوم على أبدية الجزائر الفرنسية، تاركين المنطقة الممتدة بين فجيج و عين صالح بدون ترسيم. إن ضعف الجيش المغربي و تفككه جعلا فرنسا تمتد و تتوسع نحو  الشرق و الجنب الشرقي للصحراء، تمدد لم يكن من السهل عسكريا على فرنسا، فلقد قامت حروب كبيرة  مع القبائل  في مدينة عين صالح، التي كان يتزعمها القائد الحاج المقري، الذي استشهد هو و أولاده في هذه المواجهات الدموية.

    فسقطت الساورة، ثم اتوات وبعدها تيميمون، أما مدينة تندوف فقد سقطت في يد الاستعمار الفرنسي سنة 1952 رغم المقاومة الهشة التي أبداها القائد "الصنهوري" ومن معه من قبائل الصحراء المغربية الغربية، حيث وجدها الجيش الفرنسي شبه فارغة من سكانها، الذين نزحوا إلى المغرب الذي تم بسط الحماية عليه هو الآخر سنة 1912 كما هو معلوم .

    فمطالب المغرب للصحراء الشرقية بدأت سنة 1953، و بصفة متكررة، فهي لم تأت من فراغ ولا بنية الهيمنة و إضعاف الجزائر المستقلة. فكانت المنطقة تشهد مظاهرات شعبية في كل من تندوف و لعبادلة و بشار وبني ونيف                       و القنادسة وتيميمون و عين صالح، وذلك برفع  الأعلام المغربية و صور السلطان محمد الخامس و ترديد شعارات مؤيدة للمملكة المغربية، منادين بالعودة و الانضمام إلى المغرب البلد الأم، في المرحلة الممتدة مع بداية استقلال جزء من المغرب إلى سنة 1962 تاريخ استقلال الجزائر، سكت المغرب عن مطالبه على صحرائه الشرقية، حتى لا يربك و يشوش على الكفاح المسلح الجزائري، موقف تضامني دفع  بالعديد من قادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية(F.L.N) إلى المطالبة بالسلطان محمد الخامس رحمه الله كملك واحد لمنطقة المغرب العربي بأكملها                 ( تصريح المرحوم فرحات عباس رئيس الحكومة المؤقتة الجزائرية GPRA). وهكذا تقرر تأجيل المطالبة بالصحراء الشرقية إلى ما بعد استقلال الجزائر، كما رفض محمد الخامس بصفته كملك للمملكة المغربية أي مباحثات في الموضوع مع الرئيس الفرنسي  ديغول De Gaules الذي كان يفاوض سرا و علانية الحكومة المؤقتة الجزائرية حول التنازلات المتبادلة بين الطرفين قبل إعلان الاستقلال، وحتى الإعلان عن الاستفتاء. إلا أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن كما يقال، فمباشرة بعد  استقلالها سنة 1962، قامت الدولة الجزائرية بضم الصحراء الشرقية  التي انتزعت من المغرب، خارقة بذلك عهودها و التزاماتها المتضمنة في اتفاقية 6 يوليوز 1961. هذا التنكر للماضي تبعه طمس كل الرموز التي تؤكد مغربية المنطقة من طرف الجيش الجزائري، كما قتل العديد من سكان الصحراء الشرقية المطالبين بمغربيتهم في المواجهات التي عرفتها المنطقة مع فصائل من جيش التحرير الجزائري بسبب رفضهم المشاركة في استفتاء تقرير مصير الجزائر المنظم  من طرف فرنسا يوم 19 مارس 1962. فالعديد من زعماء ركيبات الشرق و جزء كبير من ساكنة مدن بشار، العبادلة، القنادسة وبعض قصور واد الساورة هربوا إلى المغرب. أما وضع تندوف حاليا، فهي خليط من قبائل الركيبات وقبائل اشعانبة وقبائل تجكنت و الجزائريين الذين استقدموا من الشمال للاستيطان بكثافة في الواحات الفلاحية الغنية بالمياه الجوفية، كما قامت الجزائر بتهجير عائلات بأكملها من الصحراء الشرقية إلى شمال الجزائر و خاصة تلك المعروفة بمغربيتها وزعامتها القبلية كقبيلة ذوي منيع و لعمور كما أدخلت شباب هذه القبائل قسرا في صفوف الجيش الوطني الشعبي الجزائري ( يشكلون أغلبية جيش النينجا المؤسس من طرف الجنرال محمد العماري للتصدي للمد التطرفي الديني)، وتعيينهم  في وحدات بعيدة عن مناطقهم، قاطعين بذلك كل علاقة مع أصولهم و عائلاتهم القاطنة بوادي كير وزوزفانة و حتى واد نون. أما تفاصيل تطور الخلاف بين المغرب و الجزائر في موضوع الصحراء الشرقية،  فلقد  تم  الاتفاق حوله  جزئيا بموجب اتفاقية افران لسنة1969 بين المرحوم جلالة الملك الحسن الثاني و الرئيس الجزائري  هواري بومدين. اتفاق أبقى على الألغام مطمورة من تندوف إلى عين صالح. وبهذه المناسبة استبشر الناس في المغرب كما في الجزائر خيرا بهذا الاتفاق الذي اشترط فيه المغرب أن يصادق البرلمان المغربي على جميع بنوده، التي ترسم الحدود بصفة نهائية بين البلدين( انظر إلى المقال الأخير المنشور أعلاه في هذا الموقع ) إضافة إلى الشراكة الاقتصادية لاستغلال المناجم الموجودة بينهما، الشيء الذي لم يحدث إلى الآن، و السبب يرجع إلى كون الجزائر فتحت جبهة أخرى ضد المغرب تتجسد في الصحراء المغربية قصد إلهائه في موضوع آخر، و الواقع أن شمال إفريقيا يعرف نزاعات متداخلة                    و مترابطة:

    -         نزاع الصحراء الشرقية الذي ابتدأ جزئيا بحرب الرمال لسنة 1963 ( خدعة جر إليها الجيش المغربي لخدمة أهداف أخرى) ولا زال ساكنا في العقول و الأفئدة و الملف بقي مفتوحا إلى الآن.

    -         نزاع الصحراء المغربية الغربية الذي انطلق في سنة 1975 تاريخ استرجاع المغرب للإقليم.

    -         النزاع الليبي الجزائري حول ترسيم الحدود.

    -         الخلاف التونسي الجزائري حول نفس الموضوع.

    -         تمرد التوارق في شمال مالي و النيجر و تشاد و دارفور في السودان، كلها نزاعات مترابطة و متشابهة.

    في هذا السياق، لا ننسى نضالات سكان الصحراء الشرقية على المستوى الدولي، فلقد طرحوا مشكلاتهم أمام السلطات المغربية قبل استقلال الجزائر وبعده، وقد أحدثت لهم الدولة المغربية قيادة إدارية ترعى شؤونهم، لازالت قائمة إلى الآن( قيادة دوي منيع بعين الشواطر) بإقليم فجيج إلى حين تسوية الوضع مع الجزائر. كما تقدمت جمعية مغربية باسمهم بطلب عودة الصحراء الشرقية إلى الوطن الأم إلى محكمة العدل الدولية التي رفضت المطلب من ناحية  الشكل( الدول وحدها هي التي تطلب رأيا استشاريا من المحكمة و ليس الجمعيات             أو القبائل)، كما راسلت هذه الجمعية منظمة الأمم المتحدة عدة مرات دون جدوى،  و القضية لازالت تتحرك في رمال ساخنة، فالنخلة التي تخفي الواحة  لا يمكنها حجب الخلاف الجزائري المغربي حول الصحراء الشرقية التي هي قلب الصراع المزمن المغربي الجزائري.

    إن الهدف من وراء نشر هذه النظرة التاريخية لنزاع الصحراء الشرقية ليس هو نبش الماضي، أو تفجير الألغام التي خلفها الاستعمار، ولا در الملح في الجروح المفتوحة بين البلدين، ولكن القصد و النية وبكل نزاهة علمية، هو إظهار الحقيقة  وتنوير الرأي العام المغربي المتتبع لهذا الأمر عبر الانترنيت Internet  حول الصراع المغربي الجزائري في هذا الشأن و الذي نتج عنه فتح جبهة الصحراء المغربية من طرف الجزائر و تكوين جمهورية صحراوية وهمية طبقا لنظرية و استراتيجية الالتفاف الاستعماري La théorie et la stratégie du contournement  ) فالنزاع نزاعين و الخصم واحد هي الجزائر، فالمغرب فضل السكوت إلى حين عن المطالبة باسترجاع صحرائه الشرقية وفضل تجنب الحرب مع الجزائر التي قد تأتي على الأخضر و اليابس في المنطقة، و لنا في حرب الثماني سنوات  بين العراق و إيران التي لم تحقق شيئا خير مثال على ذلك.

    إن نزاع الصحراء المغربية الغربية له علاقة مباشرة و عضوية مع نزاع الصحراء الشرقية المغربية، وهذه الأخيرة، ليست غريبة عن تمرد التوارق Les hommes bleus في الصحراء الكبرى المسماة بدول الساحل : موريتانيا، النيجر، التشاد و مالي، وليست بعيدة عن التمرد في دارفور بالسودان، وبعبارة أخرى فالمنطقة الممتدة  من المحيط الأطلسي إلى البحر  الأحمر، المسماة بالصحراء الكبرى هي منطقة يطبعها التمرد و الانفصال  بسبب ابتكار الجزائر لشعب وهمي و جمهورية وهمية في تندوف. وهذا الوضع أصبح يغديه الإرهاب الدولي المنسوب إلى التطرف الديني الذي زرعته القاعدة في الجزائر و أنابت عنها في ذلك الجماعات السلفية للدعوة و الجهاد الجزائرية (GSPCA) التي تطلق على نفسها الآن " القاعدة بالمغرب الإسلامي " .

     

     

    مع تحيات :chihab-25